کد مطلب:250360 شنبه 1 فروردين 1394 آمار بازدید:427

توحید و بی همتایی
[3] -3- قال الصدوق:

حدثنا علی بن أحمد بن محمد بن عمران الدقاق رحمه الله قال: حدثنا محمد بن أبی عبدالله الكوفی قال: حدثنا محمد بن اسماعیل البرمكی قال: حدثنا الحسین بن الحسن بن بردة قال: حدثنی العباس بن عمرو الفقیمی، عن أبی القاسم ابراهیم بن محمد العلوی، عن الفتح بن یزید الجرجانی قال:

لقیته علیه السلام [1] علی الطریق عند منصرفی من مكة الی خراسان، و هو سائر الی العراق، فسمعته یقول: من اتقی الله یتقی، و من أطاع الله یطاع، فتلطفت فی الوصول الیه فوصلت فسلمت، فرد علی السلام، ثم قال:

یا فتح! من أرضی الخالق لم یبال بسخط المخلوق، و من أسخط الخالق فقمن أن یسلط علیه سخط المخلوق، و ان الخالق لا یوصف الا بما وصف به نفسه، و أنی یوصف الذی تعجز الحواس أن تدركه، و الأوهام أن تناله، و الخطرات أن تحده، و الأبصار عن الاحاطة به، جل عما وصفه الواصفون، و تعالی عما ینعته الناعتون، نأی فی قربه و قرب فی نأیه، فهو فی بعده قریب، و فی قربه بعید.

كیف الكیف، فلا یقال له: كیف؟ و أین الأین، فلا یقال له: أین؟ اذ هو مبدع الكیفوفیة و الأینونیة.

یا فتح! كل جسم مغذی بغذاء الا الخالق الرزاق، [2] فانه جسم الأجسام و هو لیس بجسم و لا صورة، لم یتجزأ، و لم یتناه و لم یتزاید و لم یتناقص، مبرأ من ذات ما ركب فی ذات من جسمه، و هو اللطیف الخبیر، السمیع البصیر، الواحد الأحد الصمد، لم یلد و لم

یولد و لم یكن له كفوا أحد.

منشی الأشیاء، و مجسم الأجسام، و مصور الصور، لو كان كما یقول المشبهة لم یعرف الخالق من المخلوق، و لا الرازق من المرزوق، و لا المنشی من المنشأ، لكنه المنشی، فرق بین من جسمه و صوره و شیئه، و بینه اذ كان لا یشبهه شی ء.

قلت: فالله واحد، و الانسان واحد، فلیس قد تشابهت الوحدانیة؟ فقال:

أحلت، ثبتك الله! انما التشبیه فی المعانی، فأما فی الأسماء فهی واحدة، و هی دلالة علی المسمی، و ذلك أن الانسان و ان قیل: واحد، فانه یخبر أنه جثة واحدة و لیس باثنین، و الانسان نفسه لیس بواحد لأن أعضاءه مختلفة و ألوانه مختلفة غیر واحدة، و هو أجزاء مجزأة لیس سواء، دمه غیر لحمه، و لحمه غیر دمه، و عصبه غیر عروقه، و شعره غیر بشره، و سواده غیر بیاضه، و كذلك سائر جمیع الخلق.

فالانسان واحد فی الاسم لا واحد فی المعنی، والله جل جلاله واحد لا واحد غیره و لا اختلاف فیه و لا تفاوت و لا زیادة و لا نقصان، فأما الانسان المخلوق المصنوع المؤلف فمن أجزاء مختلفة، و جواهر شتی، غیر أنه بالاجتماع شی ء واحد.

قلت: فقولك: اللطیف، فسره لی، فانی أعلم أن لطفه خلاف لطف غیره للفصل، غیر أنی أحب أن تشرح لی.

فقال:

یا فتح! انما قلت: اللطیف، للخلق اللطیف، و لعلمه بالشی ء اللطیف، ألا تری الی أثر صنعه فی النبات اللطیف و غیر اللطیف، و فی الخلق اللطیف من أجسام الحیوان من الجرجس و البعوض، و ما هو أصغر منهما مما لا یكاد تستبینه العیون، بل لا یكاد یستبان لصغره، الذكر من الأنثی، و المولود من القدیم.

فلما رأینا صغر ذلك فی لطفه، و اهتدائه للفساد و الهرب من الموت و الجمع لما یصلحه بما فی لجج البحار، و ما فی لحاء الأشجار و المفاوز، و القفار و افهام بعضها عن بعض منطقها، و ما تفهم به أولادها عنها، و نقلها الغذاء الیها، ثم تألیف ألوانها حمرة مع صفرة، و بیاض مع حمرة، علمنا أن خالق هذا الخلق لطیف، و أن كل صانع شی ء فمن

شی ء صنع، والله الخالق اللطیف الجلیل خلق و صنع لا من شی ء.

قلت: جعلت فداك، و غیر الخالق الجلیل خالق؟ قال:

ان الله تبارك و تعالی یقول: (فتبارك الله أحسن الخالقین) [3] فقد أخبر أن فی عباده خالقین، منهم عیسی بن مریم، خلق من الطین كهیئة الطیر باذن الله، فنفخ فیه فصار طائرا باذن الله، و السامری خلق لهم عجلا جسدا له خوار.

قلت: ان عیسی علیه السلام خلق من الطین طیرا دلیلا علی نبوته، و السامری خلق عجلا جسدا لنقض نبوة موسی علیه السلام و شاء الله أن یكون ذلك كذلك، ان هذا لهو العجب! فقال:

ویحك یا فتح! ان الله ارادتین و مشیتین: ارادة حتم و ارادة عزم، ینهی و هو یشاء، و یأمر و هو لا یشاء، أو ما رأیت أنه نهی آدم و زوجته عن أن یأكلا من الشجرة و هو شاء ذلك، و لو لم یشأ لم یأكلا و لو أكلا لغلبت مشیتهما مشیة الله، و أمر ابراهیم بذبح ابنه اسماعیل علیهماالسلام و شاء أن لا یذبحه، و لو لم یشأ أن لا یذبحه لغلبت مشیة ابراهیم مشیة الله عزوجل.

قلت: فرجت عنی فرج الله عنك غیر أنك قلت: السمیع البصیر، سمیع بالاذن، و بصیر بالعین؟

فقال: انه یسمع بما یبصر، و یری بما یسمع، بصیر لا بعین مثل عین المخلوقین، و سمیع لا بمثل سمع السامعین، لكن لما لم یخف علیه خافیة من أثر الذرة السوداء علی الصخرة الصماء فی اللیلة الظلماء تحت الثری و البحار، قلنا: بصیر لا بمثل عین المخلوقین، و لما لم یشتبه علیه ضروب اللغات، و لم یشغله سمع عن سمع قلنا: سمیع لا مثل سمع السامعین.

قلت: جعلت فداك، قد بقیت مسألة، قال: هات لله أبوك.

قلت: یعلم القدیم الشی ء الذی لم یكن أن لو كان كیف كان یكون؟

قال: ویحك! ان مسائلك لصعبة، أما سمعت الله یقول: (لو كان فیهما آلهة الا الله لفسدتا) [4] .

و قوله: (و لعلا بعضهم علی بعض) [5] .

و قال - یحكی قول أهل النار - (أخرجنا نعمل صالحا غیر الذی كنا نعمل) [6] .

و قال: (و لو ردوا لعادوا لما نهوا عنه) [7] فقد علم الشی ء الذی لم یكن أن لو كان كیف كان یكون.

فقمت لأقبل یده و رجله، فأدنی رأسه فقبلت وجهه و رأسه و خرجت و بی من السرور و الفرح ما أعجز عن وصفه لما تبینت من الخیر و الحظ [8] .

[4] -4- روی الاربلی:

باسناده عن فتح بن یزید الجرجانی قال: ضمنی و أباالحسن الطریق حین منصرفی من مكة الی خراسان، و هو صائر الی العراق فسمعته و هو یقول: من اتقی الله یتقی و من أطاع الله یطاع.

قال: فتلطفت فی الوصول الیه، فسلمت علیه، فرد علی السلام و أمرنی بالجلوس و أول ما ابتدأنی به أن قال:

یا فتح! من أطاع الخالق لم یبال بسخط المخلوق، و من أسخط الخالق فأیقن أن یحل به الخالق سخط المخلوق، و ان الخالق لا یوصف الا بما وصف به نفسه، و أنی یوصف الخالق الذی تعجز الحواس أن تدركه، و الأوهام أن تناله، و الخطرات أن تحده، و الأبصار عن الاحاطة به، جل عما یصفه الواصفون، و تعالی عما ینعته الناعتون، نأی فی قربه، و قرب فی نأیه، فهو فی نأیه قریب، و فی قربه بعید، كیف الكیف، فلا یقال: كیف؟ و أین الأین، فلا یقال: أین؟ اذ هو منقطع الكیفیة و الأینیة.

هو الواحد الأحد الصمد، لم یلد و لم یولد و لم یكن له كفوا أحد، فجل جلاله، أم كیف یوصف بكنهه محمد صلی الله علیه و آله و قد قرنه الجلیل باسمه، و شركه فی عطائه، و أوجب لمن أطاعه، جزاء طاعته اذ یقول: (و ما نقموا الا أن أغناهم الله و رسوله من فضله) [9] .

و قال: یحیكی قول من ترك طاعته، و هو یعذبه بین أطباق نیرانها و سرابیل قطرانها: (یا لیتنا أطعنا الله و أطعنا الرسولا) [10] ، أم كیف یوصف بكنهه من قرن الجلیل طاعتهم بطاعة رسوله حیث قال: (أطیعوا الله و أطیعوا الرسول و أولی الأمر منكم) [11] .

و قال: (و لو ردوه الی الرسول و الی أولی الأمر منهم) [12] .

و قال: (ان الله یأمركم أن تؤدوا الأمانات الی أهلها) [13] .

و قال: (فسئلوا أهل الذكر ان كنتم لا تعلمون) [14] .

یا فتح كما لا یوصف الجلیل جل جلاله، و الرسول و الخلیل، و ولد البتول، فكذلك لا یوصف المؤمن المسلم لأمرنا، فنبینا أفضل الأنبیاء، و خلیلنا أفضل الأخلاء، و وصیه أكرم الأوصیاء، اسمهما أفضل الأسماء، و كنیتهما أفضل الكنی، و أجلاها، لو لم یجالسنا الا كفو لم یجالسنا أحد، ولو لم یزوجنا الا كفو لم یزوجنا أحد، أشد الناس تواضعا، أعظمهم حلما، و أنداهم كفا، و أمنعهم كنفا، ورث عنهما أوصیاؤهما علمهما، فاردد الیهم الأمر، و سلم الیهم، أماتك الله مماتهم و أحیاك حیاتهم، فاذهب اذا شئت رحمك الله.

قال فتح: فخرجت فلما كان من الغد تلطفت فی الوصول الیه، فسلمت علیه، فرد علی السلام، فقلت: یا ابن رسول الله! أتأذن لی فی مسألة اختلج فی صدری أمرها لیلتی؟

قال: سل! و ان شرحتها فلی، و ان أمسكتها فلی، فصحح نظرك و تثبت فی مسألتك، و اصغ الی جوابها سمعك، و لا تسأل مسألة تعنیت و اعتن بما تعتنی به، فان العالم و المتعلم شریكان فی الرشد، مأموران بالنصیحة، منهیان عن الغش.

و أما الذی اختلج فی صدرك لیلتك فان شاء العالم أنبأك، ان الله لم یظهر علی غیبه أحدا الا من ارتضی من رسول فكلما كان عند الرسول، كان عند العالم، و كلما اطلع علیه الرسول فقد اطلع أوصیاؤه علیه، لئلا تخلو أرضه من حجة یكون معه علم یدل علی صدق مقالته و جواز عدالته.

یا فتح! عسی الشیطان أراد اللبس علیك، فأوهمك فی بعض ما أودعتك، و شككك فی بعض ما أنبأتك حتی أراد ازالتك عن طریق الله و صراطه المستقیم، فقلت: متی أیقنت أنهم كذا فهم أرباب؛ معاذ الله، أنهم مخلوقون مربوبون مطیعون لله داخرون راغبون، فاذا جاءك الشیطان من قبل ما جاءك فاقمعه بما أنبأتك به.

فقلت له: جعلت فداك، فرجت عنی، و كشفت ما لبس الملعون علی بشرحك، فقد كا أوقع فی خلدی أنكم أرباب.

قال: فسجد أبوالحسن علیه السلام و هو یقول فی سجوده: راغما لك یا خالقی! داخرا خاضعا.

قال: فلم یزل كذلك حتی ذهب لیلی، ثم قال: یا فتح! كدت أن تهلك و تهلك، و ما ضر عیسی علیه السلام اذا هلك من هلك، فاذهب اذا شئت رحمك الله.

قال: فخرجت و أنا فرح بما كشف الله عنی من اللبس بأنهم هم، و حمدت الله علی ما قدرت علیه، فلما كان فی المنزل الآخر دخلت علیه، و هو متك و بین یدیه حنطة مقلوة یعبث بها، و قد كان أوقع الشیطان فی خلدی أنه لا ینبغی أن یأكلوا و یشربوا اذ كان ذلك آفة، و الامام غیر مئوف.

فقال: اجلس یا فتح! فان لنا بالرسل أسوة، كانوا یأكلون و یشربون و یمشون فی الأسواق، و كل جسم مغذو بهذا الا الخالق الرازق، لأنه جسم الأجسام و هو لم یجسم و لم یجز ابتناه، و لم یتزاید و لم یتناقص، مبرأ من ذاته ما ركب فی ذات من جسمه، الواحد الأحد الصمد الذی لم یلد و لم یولد و لم یكن له كفوا أحد، منشی الأشیاء، مجسم الأجسام، و هو السمیع العلیم، اللطیف الخبیر، الرؤوف الرحیم، تبارك و تعالی عما یقول الظالمون علوا كبیرا.

لو كان كما وصف لم یعرف الرب من المربوب، و لا الخالق من المخلوق، و لا المنشی من المنشأ، ولكنه فرق بینه و بین من جسمه، و شیأ الأشیاء اذ كان لا یشبهه شی ء یری، و لا یشبه شیئا [15] .


[1] المراد منه الامام الهادي عليه السلام، معجم رجال الحديث ج 13، ص 241.

[2] كذا في المصدر و في البحار: «الرزاق» و لعله الصواب.

[3] المؤمنون: 14.

[4] الأنبياء: 22.

[5] المؤمنون: 91.

[6] فاطر: 37.

[7] الأنعام: 28.

[8] التوحيد: 60 ح 18، الكافي 1: 137 ح 3 الي قوله «مبدع الكيفوفية و الاينونية»، بحارالأنوار 4: 290 ح 21.

[9] التوبة: 74.

[10] الأحزاب: 66.

[11] النساء: 59.

[12] النساء: 83.

[13] النساء: 58.

[14] النحل: 43.

[15] كشف الغمة 2: 386، اثبات الوصية: 227 و فيه: و أباالحسن الطريق لما قدم به المدينة فسمعته في بعض الطريق يقول:...، بحارالأنوار 50: 177 ح 56 مع اختلاف و 78: 366 ح 2.